يُعد مفهوم "العصر" في أنظمة البلوك تشين والعملات الرقمية عنصراً زمنياً أساسياً يُمثل فترة محددة تُخصص لتنفيذ مهام أو عمليات معينة داخل الشبكة. غالباً ما يُحدد العصر وفق عدد معين من الكتل أو فترة زمنية مُسبقة، وخلاله تُنجز وظائف مثل توزيع مكافآت التخزين، تدوير الموثِّقين، أو تعديل معايير البروتوكول. توفر آلية العصر إطاراً منتظماً وقابلاً للتنبؤ لأنظمة البلوك تشين، مما يُسهم في انتظام أداء الشبكة ويمنحها هيكلية زمنية تُسهل الصيانة والتشغيل على المدى البعيد.
نشأ مفهوم العصور مع البدايات الأولى لتصميم أنظمة البلوك تشين، حيث اُعتمد لمعالجة إشكاليات إنتاج الكتل، مزامنة الشبكة وتحديث النظام. مع تطور التقنية وانتشار آلية إثبات الحصة (Proof of Stake)، ازدادت أهمية "العصر" بشكل ملحوظ. على سبيل المثال، في شبكة بيتكوين، تتكون كل فترة عصر من 210,000 كتلة تقريباً أي ما يقارب أربع سنوات، وتتم خلالها عملية خفض مكافآت التعدين المعروفة بـ"الخفض النصفي (Halving)". أما في شبكات إثبات الحصة الحديثة مثل إيثيريوم 2.0، يُستخدم العصر لتنظيم مهام الموثِّقين وحساب المكافآت، وعادةً ما تستمر فترات العصر لساعات أو أيام.
من الناحية التقنية، تعمل آليات العصر وفق قواعد ومعايير محددة مسبقاً. في شبكات إثبات الحصة، يشمل العصر عادة عدة مراحل: بدايةً مرحلة اختيار وتعيين الموثِّقين بناءً على الرموز المخزنة وعوامل أخرى، ثم مرحلة إنتاج الكتل حيث يتناوب الموثِّقون المعينون في اقتراح وتوثيق الكتل، وأخيراً مرحلة توزيع المكافآت أو تطبيق العقوبات حسب أداء الموثِّقين خلال العصر. على سبيل المثال، يستغرق العصر في بلوك تشين كاردانو نحو خمسة أيام، وفي بولكادوت يُعرف العصر باسم "إيرا (Era)" ويستمر 24 ساعة تقريباً.
مع استمرار تطور تقنية البلوك تشين، يتوقع الباحثون والمطورون أن تشهد آليات العصر مزيداً من الابتكار. يدرس الباحثون والمطورون حالياً تصاميم أكثر مرونة وكفاءة لتناسب ارتفاع حجم المعاملات وتعقيد وظائف الشبكة. في بعض البروتوكولات الحديثة، يجري اختبار آليات عصر متغيرة تُعدل مدتها تلقائياً وفق ظروف الشبكة لتحسين الأداء والأمان. بالإضافة إلى ذلك، يطرح التطوير المتسارع لتقنيات الربط بين الشبكات تحديات وفرصاً جديدة فيما يخص مزامنة العصور بين الشبكات المختلفة، ويُعد هذا الجانب محورياً في تعزيز التكامل بين أنظمة البلوك تشين مستقبلاً.
تُعتبر آليات العصر جزءاً محورياً في ضمان استقرار الشبكات وقابليتها للتنبؤ. من خلال تقسيم النشاط الشبكي إلى وحدات زمنية منظمة، تُسهم آليات العصر في تبسيط تعقيد النظام ورفع مستوى وضوح العمليات لدى المشاركين. بالنسبة للموثِّقين والمشاركين، تقدم العصور إطاراً زمنياً واضحاً لتخطيط المشاركة والاستثمار، أما بالنسبة للمطورين، فتوفر العصور تسهيلاً لخطط التحديث والصيانة، وللشبكة بكاملها، تضمن آلية العصر عدالة توزيع الموارد واستمرارية التشغيل. مع اتساع استخدام البلوك تشين في التطبيقات العامة، سيستمر مفهوم العصر في لعب دور أساسي في تعزيز كفاءة الشبكة وأمانها وقابليتها للنمو والتوسع.
مشاركة